د.عبدالرحمن أحمد حيدره - مستشار المحافظة للشؤون الاقتصادية والتنمية
في مشهد التنمية اليمنية الذي يشهد تحولات حاسمة، تتصدر مدينة الخوخة قائمة المدن الواعدة التي تنتظر نقلة نوعية عبر مشروع "الماستر بلان الشامل" لتخطيط المدينة وإعادة هيكلتها بشكل تنموي متكامل، ويُنظر إلى المشروع بوصفه نقطة تحول استراتيجية يمكن أن تعيد رسم ملامح الخوخة، وتؤسس لنموذج رائد في التنمية الساحلية المتكاملة.
لكن ما يميز هذه المبادرة ليس فقط محتواها العمراني والاقتصادي، بل أيضا الدور المحوري والفاعل الذي تلعبه السلطة المحلية بقيادة محافظ الحديدة الدكتور الحسن طاهر، والذي يشكل دعامة أساسية لنجاح المشروع وتحقيق آمال المنطقة.
يلعب محافظ محافظة الحديدة الدكتور الحسن طاهر، دورًا فاعلًا ومحوريًا في دعم وتمكين هذه الرؤية التنموية، حيث يمثل حضوره الميداني والتزامه المتواصل دلالة واضحة على دور السلطة المحلية كمحفز أساسي للتنمية، وتشجيع جهود التحرير والبناء.
ويرى الدكتور الحسن طاهر أن مشروع الماستر بلان ليس مجرد خطة عمرانية، بل رؤية متكاملة لتحرير الطاقات الاقتصادية وتوفير فرص تنموية واسعة لسكان الخوخة وحيس، وهو ما يميز هذه المناطق المحررة عن المناطق المظلومة والمقيدة تحت سيطرة الحوثي، التي تعاني من تهميش متواصل، وانعدام للاستقرار التنموي.
لا يقتصر "ماستر بلان الخوخة" على كونه مجرد مخطط عمراني، بل يتعداه ليشكل إطارًا استراتيجيًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية في منطقة طالما عانت من الإهمال، رغم ما تتمتع به من موقع جغرافي حيوي على البحر الأحمر، وثراء في الموارد الطبيعية والبشرية.
وبحسب مختصين في التخطيط الحضري والاقتصاد الإقليمي، فإن المشروع يتضمن إعادة تنظيم استخدامات الأراضي، وتحديد مناطق مخصصة للسكن، والخدمات، والأنشطة الاقتصادية (زراعية، صناعية، تجارية)، مع تطوير شبكة المرافق العامة والبنية التحتية، وإدماج معايير الاستدامة البيئية والتهيئة المناخية.
تقع الخوخة جنوب محافظة الحديدة، وتعد أقرب مدينة ساحلية إلى محافظة تعز، وتربط جغرافياً بين المخا شمالاً وبيت الفقيه والحديدة جنوب شرقاً، ما يجعلها مؤهلة لتكون مركزًا لوجستيًا وزراعيًا وسياحيًا، بامتياز، ولأنها تطل على البحر الأحمر، فإنها تفتح نافذة بحرية جديدة يمكن استثمارها في خدمات النقل والتجارة البحرية والصيد، ما يمنح الخطة بعدًا إقليميًا واعدًا.
يحمل المشروع في جوهره رهانًا مزدوجًا: تنشيط الاقتصاد المحلي وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، فمع توسع الرقعة العمرانية، وتطوير المرافق الصحية والتعليمية، وتهيئة البنية التحتية (طرق، كهرباء، مياه، صرف صحي)، يمكن للخوخة أن تتحول من مدينة مهملة إلى قطب حضري منتج وجاذب للاستثمار.
توفير آلاف فرص العمل في مجالات البناء، الزراعة، الصيد، الصناعات الخفيفة، والخدمات، جذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية، خاصة في قطاعات الزراعة الساحلية، والسياحة البيئية، والخدمات اللوجستية، تخفيف الضغط عن المدن الكبرى عبر توزيع سكاني واقتصادي أكثر توازنًا، تحسين مؤشرات التنمية البشرية لسكان المنطقة من خلال التعليم، الصحة، والخدمات.
الماستر بلان لا يُنظر إليه كمشروع محلي فحسب، بل كمقدمة لتجربة تنموية قابلة للتكرار في مدن ساحلية أخرى، لا سيما في ظل حاجة اليمن الملحة إلى نقلات نوعية في التخطيط الحضري والتنمية المستدامة. وإذا ما أُحسن تنفيذ الخطة، فستصبح الخوخة نموذجًا يُحتذى به في التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة وتعزيز الاستقرار.
في المقابل، فإن المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحوثي، وعلى رأسها محافظة الحديدة، تعاني من غياب الرؤية التنموية الحقيقية، وضعف دور السلطة المحلية، مما أدى إلى استمرار التهميش والشلل الاقتصادي والاجتماعي.
الخوخة اليوم و في ظل قيادة السلطة المحلية للمحافظة أمام فرصة تاريخية لتغيير مصيرها، والتحول من مدينة منسية إلى محور استراتيجي على خارطة اليمن الجديدة. وما بين الرؤية والتنفيذ، تقف الإرادة والتنفيذ الفاعل كأدوات لا غنى عنها.